ولمّا كان اليوم العاشر للعدوان الإسرائيلي الهمجي، الجوي والبحريِّ والمدفعي، بواسطة الصواريخ والطائرات الحربية الإسرائيلية، والقذائف البحرية، والغارات الجوية، على قطاع غزّة الأبية؛ حدَّثني “رفعت قسيس”، المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال/ فرع فلسطين، عن الخسائر البشرية للعدوان، الذي أطلقت عليه دولة الاحتلال اسم ” الجرف الصامد”، قال: بلغ عدد الشهداء مئتين وثلاثين شهيداً، من بينهم خمسة وأربعون طفلاً، وأكثر من ألف وستمائة وخمس وثمانين جريحاً، حتى الآن، وأضاف باستهجان، أن آلة القصف الإسرائيلية الهمجية، تتجاهل القوانين الدولية، التي تحظر تنفيذ غارات جوية، وبحرية، ومدفعية، تستهدف المدنيين والآمنين، في البيوت والشوارع والمدارس وأماكن العبادة، وذكَّر أن جنود الاحتلال الإسرائيلي، قتلوا منذ عام ألفين، أكثر من ألف وأربعمائة وأربعين طفلاً، وخطفوا أكثر من ثمانية آلاف آخرين، وأن إسرائيل تعتقل كل سنة سبعمائة طفل فلسطيني، تخضع أربعة وتسعين بالمئة منهم إلى التحقيق، لمدة أسبوعين كاملين، وتمنعهم من المثول أمام المحاكم، وتمنع ذويهم من زيارتهم، كما يقتضي القانون الدولي العالمي، والعرف الإنساني.

ومن خان يونس الجريحة، أيها الجمهور السعيد ذو الرأي الرشيد، حدثني “أحمد المصري” قال: حدَّثني “محمد كوارع”، بأنفاس متقطعة، وعيون مليئة بالدمع، قال: كنا نرى المجازر عبر التلفاز، تقترفها قوات الاحتلال بحق الناس، واليوم ما كنا نراه؛ جرى مع عائلتنا وأبناء جيراننا، دون رادع أو رحمة أو جنس ضمير. وبعد أن صرخ صرخة شقت عنان السماء: أوقفوا العدوان، أوقفوا آلة الخراب والدمار والإبادة، أوقفوا قتل الكبار والصغار، وبعد أن صمت دقيقة كي يسترد نفسه، ويستعيد رباطة جأشه؛ واصل رواية تفاصيل المذبحة فقال:
ما حدث أن زوجة أخي تلقت اتصالا من المخابرات الإسرائيلية، طالبتها بالخروج من المنزل في الساعة الثالثة صباحاً، من صباح يوم الثلاثاء، يوم الخامس عشر من تموز، من العام ألفين وأربع عشرة ميلادية، وفي الثامن عشر من رمضان، من العام ألف وأربعمائة وخمس وثلاثين هجرية؛ لأن الجيش الإسرائيلي سوف يطلق صاروخاً من طائرة مقاتلة،
F-16، فخرجت مع أفراد العائلة جميعاً

وظنوا أنهم قد نجوا من الهلاك، فعادوا إلى المنزل، بعد زيارة الصاروخ؛ كي يتفقدوا البيت، دون أن يتنبؤوا أنهم يلمسون جدرانه للمرة الأخيرة. وما هي إلاّ لحظة أو تكاد، ودون إنذار؛ فاجأهم صاروخ ثان، أحال جدران البيت إلى ركام.

وأضاف: تركت أطفالي بين يدي زوجتي، ورجعت إلى منزل العائلة؛ لأرى جثث الأطفال متطايرة في الشارع، تنزف دما، لم أصدق ما ترى عيني. كان قد استشهد ثمانية أفراد من عائلتي، بينهم خمسة أطفال: باسم سالم حسين كوارع، طفل العاشرة الجميل، وحسين يوسف حسين كوارع، طفل الثالثة عشرة المشاكس، ومحمد علي فرج كوارع، وقاسم جابر عدوان كوارع طفلي الثانية عشرة الرائعين، وعبد الله حامد كوارع، طفل السادسة الوديع.

أما أبناء جيراننا، ممن دخلوا منزلنا بالتزامن مع إطلاق الصاروخ، فقد أصيب منهم خمسة وعشرون، استشهد طفل منهم، متأثراً بجراحه، لاحقا، لم يبلغ ثماني سنوات، اسمه: سراج عبد العال.

هل تصدِّقون يا سادة يا كرام، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أعلن في تبريره لإطلاق الصاروخ الثاني على المنزل، حسب ما أوردت الصحيفة العبرية، على الشبكة الإليكترونية، أن خللاً غير مقصود، تسبب في الخسائر البشرية الأليمة، بعد أن حقق الجيش بشكل أولي، بأحداث المجزرة الرهيبة؟!

“لم يكن هناك ما يمكن فعله عندما كان الصاروخ في الجو، ولم يكن بالإمكان تحويل مساره بينما كان أبناء العائلة يعودون إلى المنزل. كان خطأ مأساوياً، استند إلى ان المنزل كان فارغاً”.

لكن “محمد كوارع”؛ أكَّد بطلان رواية جيش الاحتلال، وقال: إن الطائرة الإسرائيلية كانت ترى المنزل العامر بالسكان، وقد عادوا لتفقد بيتهم، وتميز الأطفال بينهم، لأنها كانت لا تفارق الأجواء.

ولم يستطع محمد أن يستكمل حديثه، حين سمع عبر المذياع، إعلان المتحدث باسم جيش الدفاع، أن الاستعدادات لعملية برّية، لضرب أهل غزة الأبيّة، قد اكتملت، ووصلت مراحلها النهائية، وووووووووووووووووو

وأدرك شهرزاد الصّباح فسكتت عن الكلام الجراح!

20/07/2014